في قلب الجنوب السوري، وتحديداً في قرية الرفيد بمحافظة القنيطرة، وُلد “عويد خلف العقال”، المعروف باسم “أبو زياد”، عام 1965. نشأ وترعرع بين أهله وناسه، وكان مثالاً في الأخلاق والتواضع، يشتهر بابتسامته الدائمة وسعيه لخدمة الآخرين دون انتظار مقابل.
لم يكن أبو زياد من الباحثين عن الأضواء، ولا ممن تغريهم المناصب. بل كان إنساناً بسيطاً بطبعه، رزيناً في حديثه، قليل الكلام كثير الإنصات، يتحلى بهدوء لافت ووقار قائدٍ لا يحتاج إلى صوتٍ عالٍ ليفرض حضوره. بيته كان مفتوحاً للجميع، يستقبل ضيوفه وكأنهم من أهل داره، ويُعرف بين محيطه بقلبه الطيب وسعيه الدائم لمساعدة من حوله.
مع بدايات الحراك الشعبي في سوريا عام 2012، اتخذ أبو زياد قراره الحاسم بالانضمام إلى صفوف من حملوا السلاح دفاعاً عن مبادئهم، بعد أن رفض أن يكون جزءاً من آلة القمع، قائلاً كلمته الشهيرة: “لن أوجّه سلاحي إلى المدنيين”.
منذ ذلك الحين، كان أحد أبرز القيادات الميدانية في المنطقة، حيث أسس وقاد “لواء السبطين” في القنيطرة، وتحديداً في قريته الرفيد. وقد عُرف خلال تلك الفترة بنزاهته وتفانيه في العمل، دون أن يسعى لمكاسب شخصية أو مكانة قيادية، إذ كان يُفضّل البقاء إلى جانب رفاقه، يعمل معهم ويقودهم من الصفوف الأمامية.
ظلّ أبو زياد رمزاً للثبات والبساطة والصدق، وكان حاضراً دائماً في وجدان أبناء منطقته، ليس فقط بصفته قائداً ميدانياً، بل كأخٍ وأبٍ وصديقٍ للناس جميعاً.
برحيله، فقدت المنطقة أحد رموزها الذين آمنوا أن الكرامة لا تُجزّأ، وأن الشرف لا يُشترى. لكن ذكراه ما تزال حيّة، يرددها من عرفوه، ويحكونها لأبنائهم، ليبقى اسمه حاضراً في ذاكرة الناس.
كي لا ننسى… أبو زياد، رجل عاش بكرامة، ومضى كما يليق بالرجال الحقيقيين.
- محمد ضاهر