بعد غياب امتد نحو ستين عاماً، عادت سوريا لتطل على العالم من خلال منبر الأمم المتحدة بلسان رئيسها، في لحظة تحمل رمزية تاريخية وسياسية كبيرة. فهي ليست مجرد كلمة بروتوكولية، بل إشارة إلى أن دمشق تسعى لاستعادة دورها الفاعل على الساحة الدولية.
خلفية تاريخية
آخر رئيس سوري خاطب الجمعية العامة مباشرة كان نور الدين الأتاسي في أواخر الستينيات، بعد هزيمة حزيران 1967. ومنذ ذلك الحين، ظل التمثيل السوري عبر وزراء الخارجية مثل فاروق الشرع ووليد المعلم، أو المندوبين الدائمين مثل بشار الجعفري. عودة الرئيس للمنبر الأممي بعد كل هذه العقود تمثل محاولة لإعادة رسم حضور دمشق الدولي بطريقة مباشرة وواضحة.
دلالات العودة
- كسر العزلة: الخطاب يشير إلى رغبة دمشق في إعادة تأكيد وجودها كلاعب أساسي في الإقليم.
- التوقيت الدقيق: يأتي في وقت تتصاعد فيه ملفات إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين، والتسويات السياسية الإقليمية.
- تعزيز المكانة الدبلوماسية: مخاطبة الأمم المتحدة مباشرة تعني أن سوريا تريد أن تكون طرفًا فاعلًا في صياغة السياسات الدولية المتعلقة بها.
ملامح الخطاب المرتقب
بحسب تصريحات مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة:
- التركيز سيكون على الملفات الداخلية والخارجية من منظور رئاسي مباشر.
- السعي لإزالة ما تبقى من العقوبات المفروضة على سوريا بسبب النظام السابق.
- الاعتراف بأن بعض المشرّعين الأميركيين يربطون رفع العقوبات بمسارات سياسية أخرى.
- الحديث عن لقاءات أمنية مع الإسرائيليين لإتاحة المجال أمام السوريين لإعادة بناء بلدهم، مع التأكيد أن أي اتفاقية أمنية يجب أن تراعي مصلحة الشعب السوري أولاً.
لمسة رأي واستشراف المستقبل
عودة الصوت الرئاسي السوري إلى المنبر الأممي قد تكون بداية لمرحلة جديدة، لكنها لا تضمن النجاح تلقائياً.
- هل ستؤدي هذه الخطوة إلى رفع العقوبات تدريجياً، أم ستظل العراقيل السياسية عائقاً؟
- هل ستمثل إشارات الانفتاح على الملفات الإقليمية بداية حوار أوسع مع المجتمع الدولي، أم مجرد خطوة رمزية؟
- هل سينجح الخطاب في استعادة ثقة السوريين بالدور الدولي لبلادهم، أم ستظل التحديات الاقتصادية والسياسية تحدد المشهد؟
- في النهاية، هذه العودة التاريخية تمثل فرصة لتغيير النظرة الدولية تجاه سوريا، لكنها تفتح أيضاً أسئلة مهمة حول مدى قدرة القيادة على تحويل الكلمات إلى خطوات عملية قابلة للتحقيق.






