صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي عن محافظة القنيطرة خاص مؤسسة جولان

‏استطلاع مفيد بعد وقوع الجريمة
‏المكان هو القنيطرة.
‏تاريخ التنفيذ ١٩٦٧، أما بداية فصولها الأولى فهو عام ١٩٦٣.
‏وأما المنفذون فهم الأدوات القذرة الذين نالوا المكافأة سريعاً فأصبحوا حكام سورية لأكثر من خمسة عقود من الزمان.
‏ليس هناك من عذر لأحد لم يسمع أو يقتنع بأكبر جريمة حدثت على أرض سورية في التاريخ الحديث والتي قام بتنفيذها نظام الغدر والفجور من الأب إلى الابن. إنها جريمة الانسحاب الطوعي من القنيطرة وإعلان سقوطها وتركها لمصيرها والتخلي عن الجولان والتآمر على أهله؛ لقد كتب عن هذه الجريمة القريب والبعيد من مفكرين وسياسيين وعسكريين في كتب ومقالات ومذكرات ستظل شاهدة على أخطر مأساة استطاع من خلالها الغرب وإسرائيل أن يستحوذوا على أهم المواقع في سورية وهي الجولان؛ هذا الإقليم الذي وإن كان صغيراً في مساحته إلا أنه كان كبيراً بأهميته من حيث الموقع الاستراتيجي الذي يشرف على ثلاث دول: سورية والأردن وفلسطين، فكان لا بد للصهاينة من السيطرة عليه ليظل الجولان جرحَ سورية النازف الذي يأبى التضميد والشفاء، ولكي تظل سورية تعاني ألماً مستمراً لا تستطيع معه النهوض والانطلاق إلى مستقبل يتحقق فيه الاستقرار والنمو وكمال السيادة.

‏لقد وجد الأعداء ضالتهم في ذلك الوضيع حافظ أسد بعد أن عرفوا أنه يمتلك صفات نادرة في الخسة والدناءة ووضاعة الأصل، هذه الصفات التي أهلته أن يكون عراب تلك المرحلة السوداء. فلقد أعلن في عام ٦٧ عن سقوط القنيطرة وأمر بالانسحاب من أرض الجولان وتركها لتكون لقمة سائغة للصهاينة الذين لم يجدوا عناء يُذكر في استكمال احتلالهم للجولان. أمام هذا المشهد السوريالي لانسحاب الجيش السوري وقف أهل الجولان مذهولين أمام ما يحدث، فها هو الجيش المكلف بالدفاع عن الوطن ينفذ انسحاباً (تكتيكياً) بينما تتقدم الدبابات الإسرائيلية معززة بالطائرات. وتبين بعد قليل أن انسحاب جيشنا لم يكن تكتيكياً، لقد كان تخلياً كاملاً عن القتال بأمر من وزير الدفاع آنذاك حافظ أسد. وقف أصحاب الأرض مشدوهين أمام هذا الخذلان الكبير من جيشهم فدب اليأس والقنوط في النفوس وبدأ أهل الجولان بالمقاومة، لكن سرعان ما علموا أن الأمر قد دُبر بليل وأن خيوط المؤامرة كانت محاكة منذ البداية. إنها الخيانة في أوضح صورها. وحدثت الجريمة ولم يعد لمقاومة أهل الجولان معنى حقيقياً بعد أن سقط عدد كبير من الشهداء من الجولانيين المدنيين الذين لم يتهيؤوا للمعركة لظنهم أن جيشهم الوطني هو صاحب هذه المهمة. توقفت المقاومة وبدأ الناس بالنزوح وحدثت الكارثة، وبدأ بعض أصحاب الرؤوس المربعة يتحدثون عن تفريط أهل الجولان بأرضهم ونسوا الخيانة الكبرى وانسحاب الجيش السوري وتخليه عن المعركة. (ماذا لو انسحب اليوم أبطال حماس من غزة وفتحوا الحدود لأهل غزة؟ هل تعتقد أن يمضي نهار واحد وتجد مدنياً واحداً يبقى على أرضها؟)

‏مع الأسف هذا ما حدث في الجولان الحبيب.
‏هام أهل الجولان على وجوههم ولم يبق على أرض الجولان سوى أربع قرى للدروز لغاية لا يعلمها إلا قليل، لكنها اليوم صارت واضحة وضوح الشمس لكل ذي عقل.

‏ترك الجميع أرضهم وتوجهوا إلى وطنهم الأم حيث بدأت رحلة جديدة من العذاب والمعاناة لم تنته فصولها حتى يومنا هذا، ‏لم تكن المصيبة مذهلة ومفاجئة لأهل الجولان وحدهم بل وقف الشعب السوري كله مذهولاً أمام حجم كارثة الخيانة والتي توضحت بعض معالمها منذ البداية.
‏لقد نال الخونة أجرهم فتربعوا على الحكم في سورية. ‏لكن سرعان ما علم الجميع أن الأرض عما قريب ستهتز تحت أقدام الخونة المارقين آل الأسد، فكان لزاماً على القوى العالمية المسيطرة والراعية لتلك الجريمة أن تستكمل فصول هذه المأساة بعد أن شعرت أن السوريين لن يرضوا أن تحكمهم هذه الفئة الخائنة ولن يقبلوا بتثبيت حكم الأقلية التي لم يسبق لها أن حكمت في هذه البلاد.

‏بعد ست سنوات على النكسة وخسارة الجولان اقتنع رعاة المنطقة “النظام العالمي الجديد” أنهم لن يجدوا من يستطيع تنفيذ مخططاتهم ورعايتها كهذه الطائفة، بل هذه العائلة على وجه التحديد ممثلة بهذا القزم الحقير الحاقد حافظ أسد؛ فقرروا تثبيته بشكلٍ نهائي. لكن كيف السبيل إلى ذلك؟ إنها الحرب “حرب تشرين التحريرية” عام ١٩٧٣، هي السبيل الوحيد الذي سيخلط الأوراق ويقنع أغلبية بسطاء شعبنا بالحكم الطائفي؛ فكانت مسرحية الحرب السمجة عام ١٩٧٣ أقصر الطرق لتثبيت خادم مصالحهم الأول حافظ أسد، حيث تم منحه زمام المبادرة في المعركة ثم انسحاب القوات الإسرائيلية من مدينة القنيطرة بعد أن تم تدميرها بشكلٍ كامل لتبقى القنيطرة المهدمة شاهداً أبدياً على تلك الجريمة النكراء.

‏بعد أن وضعت الحرب أوزارها جيء باللقيط الخبيث حافظ منفذ الجريمة ليُسمح له برفع العلم السوري فوق حطام مدينة القنيطرة؛ ومنذ ذلك الحين بدأ عهد جديد من الإعلام الذي اعتمد على الكذب والتضليل وقلب الحقائق مترافقاً مع كم كبير من الترهيب والإجرام، وشرع الشعراء يدبجون القصائد العصماء في تمجيد بطل التشرينين، وظهر جيل جديد مغيَّب من طلائع البعث والشبيبة، على رأسهم شلّة من المأفونين البعثيين الذين راحوا يطبّلون للقائد (الخالد)!!!!.

فلنمضِ معاً،
‏نرسخ وعياً جديداً ننفض فيه الغبار الكثيف الذي علق في عقول الأجيال التي قُدِّر لها أن تعيش أكثر من خمسين عاماً في زمن الحكم الطائفي المارق البغيض.

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top