مدخل بلدة جديدة الفضل في ريف دمشق

مع حلول عام 2025، ما تزال بلدة جديدة الفضل في ريف دمشق تواجه واقعاً خدمياً متدهوراً يثقل كاهل سكانها. ثلاث مشكلات أساسية تفرض نفسها على الحياة اليومية: شح المياه، تراكم القمامة، وانتشار الدراجات النارية بين الشباب، إلى جانب تحديات مرتبطة بالبنية التحتية والأمن المحلي.

أزمة المياه: عطش متواصل

يعاني الأهالي من انقطاع المياه لأيام طويلة، لتأتي ساعات الضخ متقطعة لمرة واحدة في الأسبوع وثلاث مرات في هذا اليوم الواحد لمدة ساعة كل فترة وأحياناً غير كافية لملء الخزانات المنزلية. ومع ازدياد عدد السكان، لم تعد الآبار المحدودة وعددها سبعة ويعمل منها اثنان، ولا الخطوط المغذية تلبّي الحاجة مثل خط ريما الذي توقف وهو بالأساس يغذي جديدة البلد. النتيجة أن كثيراً من الأسر تلجأ إلى شراء المياه بالصهاريج بأسعار مرتفعة ترهق المعيشة وتصل إلى مبلغ 36 ألف ليرة للصهريج الواحد، وسط مخاوف من تلوث مصادر بديلة غير مراقبة.

النفايات: بين ثقافة الماضي وتحديات الحاضر

على الرغم من تراكم القمامة في الشوارع بسبب نقص الآليات وتقادمها وتذبذب عمليات الترحيل لنقص الوقود، إلا أن هناك بُعداً اجتماعياً يوضح الفجوة بين ثقافة الأمهات والجدات في النظافة والحفاظ على البيت والحارة، وبين الجيل الجديد.

كانت الجدات يحرصن على كنس الشارع أمام منازلهن ورشّ المياه بشكل شبه يومي، ويعتبرن النظافة جزءاً من الهوية والسمعة. بل وكن ينتظرن تركتور القمامة في السابعة صباحاً لإلقاء قمامتهن فيه.

أما اليوم، فمع قلة الوعي أحياناً وضغط الظروف المعيشية، لم يعد هذا السلوك راسخاً، رغم توفر حاويات القمامة وانتشارها، فيقوم الجيل الجديد برمي قمامته كيفما اتفق قرب المدارس والمقبرة، ما يزيد من تفاقم أزمة النفايات ويحوّل النظافة إلى عبء لا التزاماً جماعياً يرهق البلدية والآليات والعمال.

هذا التحول الثقافي يُظهر أن أزمة القمامة ليست خدمية فقط، بل أيضاً مرتبطة بوعي المجتمع وتضامنه.

«موتورات» الشباب: بين الحاجة والإزعاج

الدراجات النارية أصبحت وسيلة النقل والعمل الأكثر شيوعاً بين الشباب في ظل ارتفاع تكاليف النقل العام والبطالة. لكنها تحولت في الوقت نفسه إلى مصدر إزعاج ومخاطر مرورية بسبب السرعات العالية وغياب أدوات السلامة. كثير من الشباب يعتمدون عليها في حركتهم اليومية، ما يجعل معالجتها تحتاج إلى تنظيم لا إلى المنع فقط. ومع ذلك، تخفّ حركة تلك الدراجات النارية وتبلغ ذروتها بين التاسعة والحادية عشرة مساءً لتغرق البلدة بعدها في نومها.

الأمن المحلي: تحسن نسبي في السرقات وإطلاق النار

شهدت البلدة تحسيناً ملموساً في مخفر الشرطة وتجهيزه وافتتاحه خلال أيام، سواء على صعيد البنية أو المعدات. هذا التطوير عزّز الشعور النسبي بالأمان، وساهم في تراجع حالات السرقة بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات الماضية.
كما أن إطلاق النار العشوائي أو الاحتفالي خفّ كثيراً خلال الفترة الأخيرة، ما انعكس إيجاباً على حياة الناس وطمأنينتهم، بعد أن كان أحد أبرز مظاهر القلق والإزعاج في البلدة. خاصة خلال الأشهر الأولى لانتصار الثورة والاستيلاء على مستودعات الجيش في قطنا والفوج 100، وقد حصلت حملة أمنية للسلاح المنفلت خلال شباط الماضي أدّت كما يبدو ثمارها منذ بداية تموز.

مشكلة الشارع الرئيسي: حاجز ترابي يرهق الأهالي

يبقى الشارع الرئيسي الذي يربط مفرق جديدة الفضل بجديدة عرطوز البلد من أبرز المشكلات الخدمية. إقامة حاجز ترابي هناك أجبر السيارات على قطع مسافة طويلة للالتفاف وصولاً إلى أوتوستراد القنيطرة – دمشق. هذا الإجراء خلق إرهاقاً إضافياً، وزاد من استهلاك الوقود والوقت على الأهالي في الفضل، ما يجعل من فتح الشارع أو إيجاد بدائل مخططة ضرورة ملحّة لتخفيف المعاناة اليومية.

مبادرات تشغيل جديدة: فرصة للحد من البطالة

مؤخراً، أُطلقت في دمشق مبادرات لتشغيل العاطلين عن العمل ضمن ورش خدمية ويومية تتراوح بين 100 ألف و150 ألف ليرة سورية. ورغم محدودية هذه الأجور أمام الغلاء، فإنها تفتح نافذة أمل للشباب وتُخفّف من اعتمادهم على الموتورات كمصدر دخل وحيد. ونتمنى أن يجري توسيع هذه البرامج لتشمل جديدة الفضل، وليس العمل بدمشق ومنطقة قاسيون ومحافظة دمشق فحسب، مما قد يسهم في تحسين مستوى النظافة وتشغيل الشباب في مشاريع خدمية محلية. كما تطوع الكثير من الشباب العاطلين عن العمل في الجيش السوري الجديد وفي الشرطة، مما خفف الكثير من الأعباء على المستوى المعيشي للبلدة بعد سنوات التهميش والإقصاء في عهد النظام البائد.

تحسين المستوصف وخدمات أخرى

تم افتتاح مخبر في المستوصف الوحيد بجديدة الفضل، إضافة إلى عيادة أسنان، ورغم الإقبال الضعيف الحالي عليه إلا أنه يقدم خدمات مجانية لسكان البلدة. كما تم دهن الجوامع الأربعة في جديدة الفضل مثل جامع الفضل وجامع المصطفى وجامع صلاح الدين وجامع الأحمد. عدا العدد الكبير من المدارس لاستقبال العام الدراسي الجديد. أيضاً تمت إنارة الشوارع ليلاً بمبادرة من مغتربي البلدة وبالطاقة الشمسية، مما خفف من عتمة الطرقات والظلمة الدامسة.

الطريق إلى الأمام

الحلول المطروحة لا تتطلب معجزات، بل خطوات عملية: إعلان جداول ضخ واضحة ومنتظمة للمياه، تنظيم حملات طوارئ لجمع النفايات بالتوازي مع حملات توعية تعيد إحياء قيم النظافة، استئجار أو صيانة آليات إضافية، وإطلاق برنامج ترخيص وتدريب لسائقي الدراجات. كما ينبغي ربط المخفر المُحسّن بدور خدمي مباشر عبر مراقبة الشوارع، إلى جانب إيجاد حل جذري لمشكلة الشارع الرئيسي وأقصد أوتوستراد دمشق – القنيطرة لتسهيل حركة الناس والسيارات، والحفاظ على استمرارية تراجع السرقات وإطلاق النار. وعودة نازحي المناطق المختلفة من سوريا لبلداتهم مثل أهالي دير الزور والجزيرة السورية وأبناء المنطقة الجنوبية بدمشق من أبناء الحجر الأسود وسبينة والتضامن والقدم، والمدمّرة منازلهم بالكامل، أو عودة كافة أبناء الجولان إلى الجولان مع الحفاظ على ممتلكاتهم بدمشق وريفها.

 

  • محمد زعل السلوم

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top