مهجرة من عشائر السويداء في فندق الزهراء بالسيدة زينب

تعيش عائلات نازحة من عشائر محافظة السويداء أوضاعًا إنسانية قاسية داخل فنادق تحولت إلى مراكز إيواء في منطقة السيدة زينب بريف دمشق، في ظل تراجع واضح للدعم الإغاثي، وغياب مقومات الحياة الأساسية، ما جعل هذه المرافق، رغم كونها أبنية إسمنتية، عاجزة عن توفير الحد الأدنى من الحماية من البرد والجوع.

وشهدت منطقة السيدة زينب خلال الفترة الماضية حركة نزوح ملحوظة لعائلات هُجّرت قسراً من السويداء، بعد تدهور الأوضاع الأمنية في بعض المناطق، لتصبح واحدة من أبرز الوجهات التي استقبلت المهجرين. ومع محدودية الخيارات السكنية، تحولت فنادق عدة في المنطقة إلى مراكز إيواء جماعي تؤوي عشرات العائلات.

ورغم توفر أماكن للإقامة، كشف الواقع الميداني عن تحديات إنسانية واقتصادية كبيرة، حيث اضطرت عائلات كثيرة إلى السكن المشترك داخل غرفة واحدة أو جناح واحد، في محاولة لتقاسم التكاليف المرتفعة، ما أدى إلى انعدام الخصوصية وازدياد الضغوط النفسية والاجتماعية. كما يعاني السكان من نقص حاد في مستلزمات التدفئة والأدوات المنزلية الأساسية، إضافة إلى شح مياه الشرب، ما يجبر بعض العائلات على شرائها بأسعار تفوق قدرتها.

وتتفاقم المعاناة مع تكرار انقطاع الخبز والمواد الغذائية، وانتشار بعض الأمراض نتيجة غياب مواد التنظيف والمعقمات، وسط بيئة مكتظة تفتقر إلى الشروط الصحية المناسبة. كما اشتكى نازحون من غياب الرعاية الصحية، لا سيما للمرضى المصابين بأمراض مزمنة كداء السكري وارتفاع الضغط وأمراض الكلى، في ظل عدم توفر أدوية كافية أو متابعة طبية منتظمة.

ويواجه كبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة صعوبات إضافية، نتيجة عدم تشغيل المصاعد في عدد من الفنادق، رغم إسكان عائلات في طوابق مرتفعة، ما يقيّد حركة المسنين ويضاعف معاناتهم اليومية.

وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، سجلت الأشهر الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في حجم الدعم الذي تقدمه المنظمات الدولية والمحلية. وكانت من أبرز الجهات التي قدمت مساعدات سابقًا الهلال الأحمر العربي السوري والصليب الأحمر الدولي، عبر توزيع طرود غذائية ومستلزمات غير غذائية، شملت مواد أساسية مثل التمور والمعلبات والفرشات، إلا أن هذه المساعدات لم تغطِّ سوى جزء يسير من الاحتياجات الفعلية.

كما عبّر بعض المهجّرين عن استيائهم من سوء المعاملة خلال عمليات التوزيع في الآونة الأخيرة، وعدم وصول المساعدات إلى مستحقيها، إضافة إلى تسجيل تجاوزات في آليات التوزيع، ما فاقم شعور العائلات بالتهميش والإهمال.

وبناءً على هذا الواقع، يبدو أن الأوضاع في مراكز الإيواء وصلت إلى مرحلة تنذر بكارثة إنسانية، في حال استمرار تجاهل الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء وتدفئة. ويحذّر متابعون من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تداعيات صحية واجتماعية خطيرة يصعب احتواؤها.

وفي هذا السياق، يوجّه المهجّرون نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، مطالبين بتدخل فوري يضمن استجابة إغاثية شاملة، وتحسين آليات التوزيع بشفافية وعدالة، إلى جانب العمل على توفير بدائل سكنية تحفظ كرامة المهجرين، ريثما تتوافر ظروف العودة الطوعية والآمنة إلى مناطقهم الأصلية.

  • هبة السيد

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top