تكشف معلومات حصلت عليها “رويترز” عن تحرّكات يقودها شخصان من أبرز المقربين سابقاً من بشار الأسد لإحياء نفوذهم العسكري داخل سوريا، بعد فرار الأسد وعدد من رموز نظامه إلى الخارج في ديسمبر 2024. ووفق التحقيق، ينفق اللواء كمال حسن ورجل الأعمال رامي مخلوف ملايين الدولارات لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين، على أمل إشعال انتفاضات جديدة ضد الحكومة التي تولّت السلطة عقب سقوط النظام البائد.
وبحسب مصادر مطلعة، يحاول الرجلان -وكلاهما مقيم في موسكو- إعادة بناء قواعد دعم داخل مناطق الساحل السوري وعبر شبكات طائفية، مستهدفَين تشكيل مجموعات مسلحة يبلغ تعدادها المعلن أكثر من 50 ألف عنصر. وتؤكد الوثائق التي اطلعت عليها “رويترز” وجود شبكة من غرف قيادة سرية أسّسها النظام السابق قرب الساحل، يسعى كل طرف للسيطرة عليها.
ورغم أن بشار الأسد استقر على حياة المنفى في روسيا، فإن أطرافاً أخرى من الحلقة المقربة، وبينهم شقيقه ماهر، لا تزال متمسكة باستعادة السلطة. غير أن المصادر تشير إلى أن ماهر، الذي يمتلك ولاء آلاف العسكريين السابقين، لم يقدّم دعماً مباشراً لمحاولات حسن ومخلوف.
وتعمل الحكومة السورية الجديدة على مواجهة هذه التحركات، مستعينة بشخصيات كانت على صلة بالنظام السابق، أبرزها المسؤول السابق “خالد الأحمد”، المكلّف اليوم بإقناع العلويين بأن استقرارهم مرتبط بالسلطة الجديدة وليس ببقايا النظام المنهار. وتقول السلطات إنها تراقب النشاطات العسكرية والمالية المرتبطة بمحاولات تنظيم الميليشيات الجديدة، وتؤكد أن قدرات تلك الشبكات ضعيفة وغير قادرة على إحداث تهديد حقيقي.
ويشير التحقيق إلى أن حسن ومخلوف، اللذين يمثلان جناحين متنافسين، يعانيان انقساماً حاداً وضعفاً في الدعم الشعبي داخل الطائفة العلوية التي دفع كثير من أبنائها ثمناً باهظاً خلال سنوات الحرب. كما تتردد موسكو في دعم أي تحركات من شأنها زعزعة الوضع داخل سوريا، وتركّز على حماية مصالحها العسكرية على الساحل.
كما تكشف الوثائق أن الرجلين سعيا لتمويل مجموعات مقاتلة، ودفع رواتب شهرية متواضعة، والتواصل مع مهربين للحصول على أسلحة، إضافة إلى محاولة تفعيل مخازن عسكرية وقيادات تحت الأرض أنشئت خلال حكم الأسد. لكن كثيراً من هذه الخطط لم يُنفَّذ فعلياً.
وتلفت “رويترز” أيضاً إلى تحركات إلكترونية قادها حسن عبر مجموعة من القراصنة السابقين في المخابرات العسكرية، استهدفت البنية الرقمية للحكومة الحالية، بينما لجأ مخلوف إلى توظيف خطاب ديني وأيديولوجي لتقديم نفسه كمنقذ “سيعيد الحق لأهله”.
وتقول الحكومة السورية إن أي محاولة لإحياء نفوذ رموز النظام السابق تهدد بجرّ البلاد إلى جولة جديدة من العنف الطائفي، خصوصاً بعد موجات الاحتجاجات والانتفاضات المحدودة التي شهدتها مناطق الساحل خلال العام الماضي. غير أن المؤشرات الحالية، وفق التحقيق، تفيد بأن التنافس الداخلي، وتراجع التمويل، وفتور الموقف الروسي، تجعل فرص نجاح هذه المساعي ضعيفة للغاية.
- فريق التحرير






