لقطات من داخل أحد باصات ريف دمشق تُظهر الازدحام الشديد – خاص مؤسسة جولان

تواصل المؤسسة العامة للنقل في دمشق تنفيذ خطة جديدة لإعادة توزيع وتشغيل أسطول الباصات بين أحياء العاصمة ومناطق ريفها، في محاولة للاستجابة لشكاوى السكان من تردّي خدمة النقل وازدياد الضغط على عدد من الخطوط، ولا سيما في المناطق التي تعاني ضعفًا شديدًا أو شبه انقطاع في المواصلات.

مدير فرع النقل في دمشق، المهندس ماهر القطان، أوضح أن المؤسسة بدأت خلال الأيام الماضية إعادة هيكلة خطوط التشغيل بما يتلاءم مع خصوصية كل منطقة، مشيراً إلى أن طبيعة الأرياف من حيث المسافات والجغرافيا تفرض نمط تشغيل مختلفاً عن داخل المدينة، وأضاف أن عملية توزيع الباصات تتم “وفق الإمكانيات المتاحة وبناءً على حجم الطلب الفعلي”، لافتاً إلى أن جزءاً من الأسطول يُعاد تدريجياً توجيهه نحو المناطق الأكثر تضرراً لتحسين الخدمة على الخطوط التي بقيت لفترات طويلة خارج نطاق التخديم الفعلي.

مع ذلك، لا تزال شهادات الأهالي ترسم صورة مغايرة لما تعلنه المؤسسة، سكان الذيابية والحسينية والمناطق المحيطة بهما يؤكدون أن الازدحام ما زال خانقاً، وأن الرحلات طويلة ومرهقة، بينما تبقى العديد من الخطوط الأساسية “شبه غائبة” عن الخدمة.

إحدى السيدات من الذيابية روت لموقع “مؤسسة جولان” أن معظم الخطوط تنتهي عند منطقة السيدة زينب، قائلة إن من ترغب في الوصول إلى البرامكة أو غيرها من مناطق دمشق لا تجد أمامها سوى خط “صناعة-مهاجرين”، الذي يشهد ازدحاماً كبيراً، وتضيف أن السرفيس يمر كل ربع ساعة تقريباً، “لكن غالباً ما يكون ممتلئاً، خصوصاً عندما نكون عدة أشخاص أو برفقة أطفال”.

من جهتها، تتحدث سيدة من الحسينية عن معاناة أخرى على خط “الحسينية-باب سوق الحميدية”، إذ يخدم هذا الخط بحسب قولها ثلاثة باصات فقط تابعة للنقل الداخلي، تمر تقريباً كل نصف ساعة، وتسلك هذه الباصات مساراً طويلاً يبدأ من الذيابية، مروراً بالحسينية ثم السيدة زينب وبيلا وصولاً إلى كراج السيدة زينب، قبل متابعة الطريق باتجاه دمشق، وتشرح الرحلة قد تستغرق قرابة الساعة، وإذا كان لديك التزام بموعد عمل أو اجتماع، يصبح الاعتماد على هذا الخط مغامرة حقيقية، فنضطر للذهاب إلى كراج السيدة زينب وانتظار خط “الصناعة-مهاجرين” لاستكمال الطريق نحو البرامكة.

في المقابل، ينقل أحد الأهالي من منطقة أخرى في الريف صورة مغايرة تماماً، إذ يؤكد أن منطقته تحظى بخدمة أفضل من حيث عدد وسائل النقل، مع توفر سرافيس وباصات يصل عددها إلى نحو 25 باصاً، إضافة إلى كراج رئيسي يخدم المنطقة بشكل مباشر ويربطها بكراج العباسيين في دمشق، ما يسلّط الضوء على تفاوت واضح في مستوى التخديم بين منطقة وأخرى ضمن المحافظة نفسها.

وتتكرر الشكوى من الرسوم والتكاليف إلى جانب معاناة الازدحام “جيهان الخلف”، وهي موظفة من الحسينية، تشير إلى أن خيار النقل الداخلي يظل الأقل كلفة رغم صعوباته، موضحة أن تكلفة الرحلة من الحسينية إلى باب سوق الحميدية لا تتجاوز 4 آلاف ليرة عبر باص الدولة، بينما ترتفع الكلفة إلى 8 آلاف ليرة ذهاباً ومثلها إياباً عند الاعتماد على السرافيس، وتضيف: “نضطر للخروج قبل ساعتين من موعد الدوام لأن الباص يمر كل نصف ساعة، والزحام داخل الباص خانق لدرجة أننا أحياناً لا نستطيع التنفس”.

وتكشف جيهان أن سرافيس خط “صناعة-مهاجرين” نفّذت سابقاً إضراباً بعد تخفيض سعر ليتر المازوت، إذ رفض السائقون تخفيض الأجرة من 3 آلاف إلى 2000 ليرة، وتتابع “عندما ألزمتهم الدولة بالتسعيرة الجديدة امتنعوا عن العمل، وعدد السرافيس أساساً قليل جداً”.

وبين الخطط الرسمية لإعادة توزيع الباصات وواقع الخطوط المزدحمة والرحلات الطويلة وارتفاع التكاليف، تبقى معاناة سكان دمشق وريفها مع المواصلات اليومية مستمرة، في انتظار أن تنعكس الوعود على الأرض بتحسين ملموس في الخدمة، لا سيما في المناطق الأشد تهميشاً من حيث النقل العام.

  • بثينة الخليل

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top