بدأت دمشق وبكين جولة جديدة من الانخراط الدبلوماسي، مع وصول وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى العاصمة الصينية بكين اليوم الإثنين 17 تشرين الثاني 2025، في أول زيارة رسمية له إلى الصين منذ تولّيه منصبه، وعقد الشيباني جلسة مباحثات رسمية مع عضو المكتب السياسي ووزير الخارجية الصيني وانغ يي في مقر وزارة الخارجية الصينية.
وذكرت وزارة الخارجية السورية في بيان مقتضب أن اللقاء تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين سوريا والصين، وإعادة تنشيط مسارات التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين، من دون الخوض في تفاصيل إضافية حول الملفات المطروحة أو حجم الاتفاقات قيد البحث.
من جانبها، أوضحت وزارة الخارجية الصينية في بيان رسمي أن المحادثات ركزت على إعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي بعد السنوات الماضية، وتوسيع مجالات التعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمار والبنى التحتية، بما ينسجم مع مصالح البلدين، مع التأكيد على دعم بكين لـ”سيادة سوريا ووحدة أراضيها”، وفق ما جاء في البيان.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن جدول أعمال الزيارة يتضمّن بحث فرص المشاركة الصينية في مشاريع إعادة الإعمار، ورفع مستوى التبادل التجاري، ومناقشة إمكان إدماج مزيد من المشاريع السورية ضمن المبادرات الاقتصادية الصينية الأوسع نطاقاً، إلى جانب بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية ذات الصلة بالملف السوري.
بالتوازي مع ذلك، نقلت وكالة “فرانس برس” عن مصدر دبلوماسي سوري قوله إن دمشق تعتزم تسليم الصين نحو 400 مقاتل من الإيغور خلال الفترة المقبلة، موضحاً أن ملف المقاتلين الإيغور مطروح على جدول مباحثات زيارة الشيباني إلى بكين، وأن عملية التسليم”بحسب ما نُقل عن المصدر” ستجري على دفعات وبناءً على طلب صيني مباشر.
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية نفياً صريحاً لما أوردته “فرانس برس”، مؤكدةً أنه لا صحة للأخبار المتداولة حول نية الحكومة السورية تسليم أي مقاتلين إلى الصين، من دون تقديم تفاصيل إضافية حول ما إذا كان هذا الملف قد طُرح ضمن اللقاءات من عدمه.
بيان مشترك سوري–صيني
وفي ختام المباحثات، صدر بيان مشترك عن وزارتي الخارجية السورية والصينية، أكّد فيه الجانبان على عمق علاقات الصداقة التاريخية بين الجمهورية العربية السورية وجمهورية الصين الشعبية، والتمسّك المتبادل باحترام سيادة الدولتين ووحدة أراضيهما ورفض التدخل في الشؤون الداخلية. كما شدّد البيان على تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتنمية وإعادة الإعمار وتحسين الواقع المعيشي في سوريا، إلى جانب التنسيق في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتعاون داخل المحافل الدولية.
وجدد الجانب السوري، وفق البيان، التزامه الثابت بمبدأ “الصين الواحدة” واعترافه بحكومة جمهورية الصين الشعبية ممثلاً شرعياً وحيداً للصين، وبأن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، كما عبّرت دمشق عن دعمها للمبادرات العالمية التي طرحتها الصين، بما فيها “مبادرة الحزام والطريق”، وتعهدت بعدم السماح باستخدام الأراضي السورية للإضرار بأمن الصين ومصالحها.
من جهتها، أكدت الصين في البيان احترامها الكامل لإستقلال وسيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، واعتبرت أن الجولان أرض سورية محتلة، مجددة دعمها للمسار التنموي الوطني في سوريا، واتفاق الجانبين على مواصلة الحوار والعمل المشترك لتحويل ما تم التوافق عليه إلى برامج ومشروعات عملية تخدم مصالح الشعبين الصديقين.
وبهذه الخلاصات، ترسم زيارة الشيباني إلى بكين معالم مرحلة جديدة في العلاقات “السورية–الصينية”، عنوانها الأبرز تثبيت الشراكة السياسية ودعم المسار التنموي وإعادة الإعمار، مع استمرار تباين الروايات بشأن بعض الملفات الحساسة التي تبقى بين ما تتداوله وكالات الأنباء وما تعلنه المصادر الرسمية.
- فريق التحرير








