زيارة السفير الايطالي لبصرى الشام12

منذ اليوم الأول لسقوط النظام ودخول سوريا مرحلة التعافي والاستقرار، استقبلت محافظة درعا العديد من الوفود الوزارية والاجتماعية والمحلية والدبلوماسية، والكثير من وفود المنظمات الدولية.
كان أبرز هذه الوفود زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى المحافظة في أول أيام عيد الأضحى المبارك الماضي، ثم زيارة وفد أردني رفيع المستوى ممثلاً بمحافظ إربد ورئيس غرفة التجارة والصناعة الأردنية، تم خلالها عقد أول اتفاقية توأمة بين محافظتي إربد ودرعا وبحث سبل تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي والصناعي والخدمي.

ثم بعد أيام قليلة، زار وفد من المجلس السوري الفرنسي محافظة درعا، حيث جرى خلال اللقاء مناقشة إمكانية إبرام اتفاقية توأمة بين محافظة درعا وإحدى المدن الفرنسية. وهدفت تلك الخطوة إلى تعزيز التعاون المشترك في المجالات الثقافية والتعليمية، بما يسهم في خدمة أبناء المحافظة وفتح آفاق جديدة للتواصل مع المجتمع الدولي ومساعدة المحافظة في مشاريع التنمية والتخطيط المشترك.

ثم تلتها زيارة سفير تركيا السابق لدى دمشق، برفقة وفد حكومي سوري رفيع المستوى ضم وزيري الطاقة والتعليم العالي، وتم خلال الزيارة التأكيد على أهمية محافظة درعا تاريخياً وثورياً وتنموياً واقتصادياً، وبحث فرص الدعم التركي تجاه إقامة مشاريع تنموية للمحافظات الأكثر تضرراً وأهمها درعا.

لا يخفى على أحد الأهمية الاستراتيجية لمحافظة درعا كبوابة أمنية واقتصادية لجنوب سوريا، وخصوصية وضعها الأمني مع الكيان الإسرائيلي الغاصب، وسط محاولات الحكومة السورية الجديدة لتثبيت نقاط الأمن والتوزيع المدروس للقطع العسكرية ورفع الجاهزية لأي تهديد من الخلايا النائمة وفلول النظام وعصابات تهريب المخدرات.
كما تُعدّ محافظة درعا سلّة سوريا الغذائية لما تتمتع به من تكامل زراعي، وتربة خصبة، وموارد مائية، ويد عاملة.

بالإضافة إلى الأصالة التاريخية والعربية التي يتمتع بها الشعب السوري، والبعد الحضاري الكبير لمحافظة درعا على طريق الحرير العالمي تجارياً، وخصوصاً خلال الحضارات الرومانية والبيزنطية والإسلامية، ممثلة بمدينة بصرى الشام التاريخية عاصمة الدولة الغسانية.
أصالة وتاريخ يضافان إلى العامل البشري النشيط والمتعلم والمثقف واليد العاملة الخبيرة، مع نسبة نمو سكاني مرتفعة تمثل قوة شبابية وبشرية متميزة لأي مشاريع استثمارية أو تنموية، وخبرات متنوعة اكتسبها أبناء المحافظة خلال رحلات الاغتراب والهجرة والعمل.

كل ذلك يفسر اختيار السفير الإيطالي الجديد في دمشق أن تكون الزيارة الأولى له داخل سوريا باتجاه محافظة درعا، حيث استقبل السيد المحافظ أنور الزعبي أمس الثلاثاء السفير الإيطالي الجديد في سوريا السيد ستيفانو رافانيان في زيارة رسمية.
استعرض خلالها المحافظ التحديات التي تواجه المحافظة في قطاع التعليم وحجم الأضرار التي طالت البنى التحتية والمدارس، إلى جانب الضغوط على الخدمات العامة مع تقدّم عودة النازحين واللاجئين.
وأكد السفير اهتمام بلاده بدعم قطاع الزراعة مع مشاريع قيد الإعداد، فيما شدّد المحافظ على مكانة درعا الزراعية وتحديات التغير المناخي. كما جرى بحث مشاريع مستقبلية في التراث الثقافي والسياحة والآثار والتخطيط العمراني. وختم المحافظ بالتأكيد على قدرة السوريين على النهوض وحقهم في حياة كريمة، موجهاً الشكر للدول الداعمة.

زيارة سفير الجمهورية الإيطالية لمحافظة درعا تؤكد ما تمثله روما كبوابة أمنية وسياسية واقتصادية للاتحاد الأوروبي، وتعكس بدء العمل الأوروبي الجاد لفهم الخارطة السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية في الجمهورية العربية السورية الجديدة، بدءاً من المربع الأول وحجر الزاوية الذي تمثله محافظة درعا على الخارطة الداخلية والخارجية، خصوصاً في موضوع التفاهم الأمني مع إسرائيل وضبط الحدود وإيقاف التوغلات الإسرائيلية، وإعادة الضغط لعودة قوات الأندوف إلى المنطقة العازلة، وسبل معالجة وتطبيق اتفاق عمّان الثلاثي لحل حالة الاستعصاء السياسي والأمني في السويداء والمساعدة في دعوة النازحين إلى قراهم.

واختتاماً، شهدت محافظة درعا الكثير من المنعطفات السياسية والعسكرية والأمنية خلال خمسة عشر عاماً من عمر الثورة السورية، تنوعت أشكالها بين الثورة السلمية والعسكرة والاقتحامات والحصار والصمود. وهي تدخل الآن مرحلة جديدة من الاستقرار والتعافي، وترتفع سقف طموحاتها وآمالها لتستفيد من أكبر حصة في البناء وإعادة الإعمار لتكون أجمل المحافظات السورية من حيث التخطيط والتنظيم والبنية التحتية والتقدم التقني.
محافظة حديثة وعصرية تضم مدينة صناعية متميزة ومتكاملة، وسلسلة مدن حضرية وسكنية جديدة، بالإضافة إلى إنشاء جامعة درعا الحكومية بجميع التخصصات، كل ذلك مع العودة الكريمة للاجئين والاستفادة من خبرات المغتربين.

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top