قال المبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك إن مجلس الشيوخ صوّت لصالح إلغاء «قانون قيصر»، داعياً مجلس النواب إلى الخطوة نفسها «لإعادة الأمل وحقّ العمل للسوريين»، ويأتي ذلك بعد إعلان رئاسي ومرسوم تنفيذي شَمِلا إنهاء معظم العقوبات الأميركية على دمشق صيف 2025، مع بقاء بعض التدابير المرتبطة بالانتهاكات والجهات المصنّفة.
برّاك: من العقاب إلى الشراكة
في تصريحات نشرها عبر منصة X، اعتبر برّاك أنّ «قيصر» أدّى غرضه الأخلاقي في 2019 لكنه بات اليوم يخنق اقتصاداً يحاول النهوض، وأنّ رفعه يمنح الحلفاء والمستثمرين إشارة للدخول في إعادة بناء البنية التحتية والخدمات، كما دعا مجلس النواب الأميركي لاستكمال مسار الشيوخ «رداً على تغير الواقع السياسي في سوريا بعد كانون الأول 2024».
الشيوخ يصوّت… والنواب يقرر
يستند كلام برّاك إلى تصويتٍ جرى في 10 تشرين الأول 2025 ضمن مشروع موازنة الدفاع، تضمّن بنداً لإلغاء «قيصر» بنهاية 2025، خطوة عدّتها دمشق «بنّاءة»، فيما شدّد داعمون للعقوبات على ضرورة ربط أي رفعٍ بمسارات مساءلة واضحة، ويبقى مجلس النواب المحطة الحاسمة قبل إحالة التشريع للرئيس للتوقيع، كما أُودِع في وقت سابق نصٌّ منفصل في الكونغرس لإلغاء «قيصر» بالكامل.
ما الذي تغيّر على صعيد العقوبات؟
قبل هذا المسار التشريعي، أعلن الرئيس الأميركي في 13 أيار 2025 نيته رفع العقوبات، قبل أن يوقّع في 30 حزيران أمراً تنفيذياً أنهى غالبية العقوبات الاقتصادية على سوريا اعتباراً من 1 تموز 2025، مع إبقاء تدابير محدّدة على أفراد وكيانات مرتبطة بانتهاكات أو ببرامج التهريب والمخدرات والتنظيمات المصنّفة، وأعلنت وزارة الخارجية حينها إجراءات تنفيذية مكمِّلة.
رسائل دينية تضغط نحو الإلغاء
أشار برّاك إلى أنّ 26 من كبار رجال الدين المسيحيين في سوريا خاطبوا الكونغرس للمطالبة بإنهاء العقوبات لما أحدثته من أعباء معيشية ونزيف سكاني، وتداولت منصّات وجماعات مسيحية في الولايات المتحدة مضمون الرسالة، على وقع نقاش أوسع داخل أوساط الكنائس حول أثر العقوبات على الفئات الهشة.
لماذا يهم المستثمرين؟
يرى برّاك أنّ الإلغاء ليس «منحة»، بل استراتيجية لإطلاق قدرات الحلفاء والقطاع الخاص في شبكات الكهرباء والمياه والمدارس والمستشفيات، وتتقاطع هذه الرسالة مع إشارات سياسية واقتصادية أُطلقت مؤخراً عن انفتاحٍ دولي وإقليمي للمساهمة في إعادة الإعمار، ربطاً بمسارٍ سياسي جديد في دمشق.
خلفية: ما هو «قيصر»؟
صدر «قانون قيصر» في 2019 ضمن قانون ميزانية الدفاع الأميركي، وفرض حزمة عقوبات قطاعية وثانوية على نظام الأسد وشبكات داعمة له، واستهدف قطاعات الطاقة والبناء والطيران والمصارف، إلى جانب كيانات وأشخاص، ويستند اسمه إلى مُصوِّر منشقّ حمل الاسم المستعار «قيصر» سرَّب صوراً لضحايا التعذيب، وقد أصبح القانون محوراً رئيسياً في أدوات الضغط الأميركية حتى بدء مسار رفع العقوبات في 2025.
ماذا بعد؟
عملياً، يتوقّف المسار التشريعي على تصويت مجلس النواب، وفي حال أُقرّ الإلغاء وأصبح قانوناً، ستنتقل الأنظار إلى معايير الحماية المتبقية (العقوبات الفردية، تصنيفات الإرهاب، ضوابط مكافحة المخدرات) وكيفية مواءمتها مع برامج إعادة الإعمار وتدفّق التمويل، كما ستظلّ آليات المساءلة والعدالة في واجهة التفاوض لتلافي تكرار الانتهاكات، بحسب أطراف داعمة للإبقاء على أدوات ضغط انتقائية.
في الختام بين دعوات المبعوث الأميركي توم برّاك لإلغاء «قانون قيصر» وتحذيرات الأصوات الداعية إلى إبقاء أدوات الضغط، تبدو واشنطن أمام منعطف سياسي واقتصادي في مقاربتها للملف السوري، فرفع العقوبات قد يفتح الباب أمام مرحلة إعادة إعمار بمشاركة دولية واسعة، لكنه في الوقت نفسه يختبر مدى قدرة الحكومة السورية الجديدة على ترسيخ الثقة والشفافية، ومع اقتراب تصويت مجلس النواب الأميركي، سيُظهر القرار النهائي ما إذا كانت الولايات المتحدة تتجه فعلاً إلى طي صفحة العقوبات والعزلة لصالح سياسة الشراكة والانفتاح، أم أنّ «قيصر» سيبقى شاهداً على حقبة مضطربة من تاريخ الصراع السوري.
- فريق التحرير