قرية العشة في جنوب القنيطرة

يعاني سكان قرية “العشَّة” في ريف القنيطرة الجنوبي، الملاصقة تمامًا لخط وقف النّار مع الجولان المحتل، من تردّي الواقع الخدمي، ولا سيما في قطاعي التعليم والطبابة. فالقرية التي يبلغ عدد سكانها نحو خمسة آلاف نسمة لا توجد فيها مدرسة “قيد الإنشاء، توقّف العمل بها منذ ثمانية أشهر”، ما يضطر الطلاب إلى السير لمسافات طويلة نحو قرية “الأصبح” المجاورة، الأمر الذي يكلّفهم معاناة كبيرة، أدّى إلى أمرين: إما تسرّب من المدرسة، أو هجرة العائلة بكاملها إلى دمشق بحثًا عن حياة كريمة وتعليم وطبابة، رغم قلّة الإمكانات.

وفي تقرير مرئي أعدّته مراسلة مؤسسة جولان، يتحدث الأستاذ “تامر حسن”، مدرّس، لموقع “مؤسسة جولان” قائلًا: “تُعاني قرية العشّة من عدم وجود مدرسة، الأمر الذي يضطر أطفالنا إلى التوجّه إلى قرية الأصبُح المجاورة، فيسيرون مسافة ثلاثة كيلومترات في طرق طينية غير معبّدة. وتزداد معاناة أبنائنا في فصل الشتاء، إذ تبتل ملابسهم فيعجزون عن متابعة يومهم التعليمي، ويضطرون إلى العودة إلى منازلهم والتغيّب عن المدرسة في الأيام الماطرة”.

وفي سياق متابعتنا لقضية التعليم، فإن إعادة بناء مدرسة القرية توقّف منذ ثمانية أشهر، عقب سقوط البناء القديم، وقد طالب الأهالي غير مرّة الجهات المعنية بمتابعة العمل في بناء المدرسة لإنهاء معاناة أبنائهم، لكن دون جدوى لكل مطالبهم، وبقاء الوضع كما هو عليه منذ فجر السقوط إلى اليوم.

القرية التي عانت سابقًا تهميشًا كبيرًا في عهد النظام البائد، زادت معاناتها بسبب نقص الخدمات كالمياه، والتنقّل، والكهرباء، وبعدها عن مركز المحافظة، كان سببًا في رداءة الخدمات كالطرقات، وعدم وجود نقطة طبية. هذه العوامل ساهمت بشكل مباشر في هجرة كبيرة من أبناء القرية إلى دمشق وضواحيها وترك بيوتهم، وما زاد الأمر سوءًا التوغّلات الإسرائيلية في المنطقة، ونصب الحواجز المؤقتة، وإهانة المواطنين عليها، ونهب بيوتهم. هناك حالات “تعفيش” موثّقة قام بها جيش الاحتلال لبعض البيوت.

إذًا، لا يقتصر التدهور على الواقع التعليمي فحسب، بل يمتد إلى جوانب أخرى من الحياة المعيشية والخدمية، كشبكة الطُّرُقات ومياه الشرب. وفي هذا السياق يقول “محمد الطحّان”، وهو مختار قرية العشّة، لموقع “مؤسسة جولان الإخباري”: “الواقع الخدمي سيئ جدًا في جميع النواحي، فلا تجد مترًا واحدًا من الإسفلت، ولا بئر ماء واحدة، رغم أن القرية حدودية. نطلب من الجهات المعنية الاهتمام بهذه القرية التي يبلغ عدد سكانها خمسة آلاف نسمة”.

لكن هذا العدد تراجع بشكل كبير بفعل هجرة العديد من العائلات بحثًا عن التعليم والخدمات الأساسية، كما يؤكد “محمد علي المحمد”، أحد سكان القرية، في حديثه لموقع “مؤسسة جولان الإخباري”:”وضعُنا سيئ جدًا؛ لا يوجد طريق مُعبّد بالإسفلت، ولا مدرسة، ولا خزّان مياه، ولا مستوصف. كان عدد سكان العشّة خمسة آلاف نسمة، لكنه اليوم لا يتجاوز ألف نسمة”.

بدورها نقلت مراسلة “مؤسسة جولان” المشكلة إلى مديرية الخدمات الفنية، حيث أكّد السيد “سالم البخيت”، بدوره وبتوجيه من السيد محافظ القنيطرة “أحمد الدالاتي”، إعادة العمل في بناء المدرسة، حيث قال: “سنتابع تنفيذ الأعمال والمشاريع الإنشائية لخطة عام 2024 – 2025، حيث تمّ الاجتماع مع ممثلي الشركة العامة للبناء والتعمير، والفنيين من الشركة، مع فنيين من مديرية الخدمات، من أجل متابعة تنفيذ الأعمال في مدرستي العشّة والسنديانة“.

وتابع “البخيت”: “سنقوم بتذليل الصعوبات والعوائق التي تمنع تنفيذ هذه الأعمال الإنشائية”.

يُذكر أن العديد من “القرى الأمامية”، وهي القرى الواقعة ضمن المنطقة العازلة بالقرب من خط وقف إطلاق النار مع الجولان المحتل، تعاني من نقص الخدمات والطبابة، ومؤخرًا تمّ قطع الطرقات فيما بينها في محاولة من جيش الاحتلال الإسرائيلي لقطع أوصال المناطق ببعضها، وإرعاب السكان، أو إخضاعهم لسياسة الأمر الواقع.

  • فريق التحرير

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top