سوريون يرفعون علم الثورة

في الدولة الاستبدادية يكون الفرد والمجتمع في خدمة السلطة، وتكون السلطة والمجتمع في خدمة شخص الحاكم، حتى ممثل الشعب أو النائب عنه يصبح جزءاً من السلطة ويدور في فلكها بسبب إعطائه امتيازات غير قانونية لشراء ضميره، بدل أن يكون ضميره الشعب وممثله في وجه السلطة.

بينما في الدولة العادلة ودولة الحرية والكرامة تكون الصورة معكوسة، فيكون الحاكم والسلطة خادمين للشعب والمجتمع مع حفظ حق الحاكم بالطاعة والاحترام.

للحكم والسلطة قوانين عامة تشترك بها جميع الدول والحضارات والأديان والأيديولوجيات، ومن يخلّ بها يفشل ويقصمه الشعب.

الفرق بين المعارضة القانونية للسلطة والتمرد عليها هو استخدام العنف بالسلاح، فأي معارضة تستخدم السلاح خارج إطار السلطة الشرعية تصبح متمردة، وغير ذلك، من حق المعارضة استخدام جميع الوسائل السلمية. وبالمقابل، في حال لاحقت السلطة مواطناً من أجل استخدام وسيلة سلمية في نقد السلطة، فهي بداية الاستبداد.

وبالنسبة لنائب الشعب، يجب نزع جميع الامتيازات عنه التي كان يمنحها النظام البائد له ليبقى يصفق له، حتى يشعر الجميع أنه حصل تغيير بعد هذه الدماء، فيكون المنصب مغرماً وتكليفاً وليس وجاهة ووساطات وخداعات. فلا يزال التشوّه الثقافي موجوداً لدى الشعب السوري نتيجة حقبة الاستبداد نصف قرن، فمخيال الشعب السوري يربط السياسة والمنصب والنائب بمجلس الشعب بالنفوذ وكسر القانون وفوق المحاسبة، وليس أنه مجرد موظف لخدمة الشعب كغيره.

فهذه الصورة النمطية يجب أن تتغير في مستقبل سورية، ويجب وضع الرجل المناسب في المكان المناسب من حيث الكفاءة والشهادة العلمية والخبرات، وليس مجرد ولاءات وشهادات تُباع على الأرصفة، لأن هؤلاء يحاربون أي خبرات تعلوهم ليبقوا في مناصبهم، مما يفشل الدولة في خدمة المجتمع بسبب إقصاء العقول والمفكرين، ولات حين مندم.

أخيراً، السياسة هي فن الأخلاق بسوس الناس بالعدل والخير، ومن يستخدم مقولة “الغاية تبرر الوسيلة” بالخداع لكسب الأصوات، فذلك تسفّل أخلاقي. وما دام الخداع هو معيار الوصول لتمثيل الشعب، فمنزوع الكرامة لا يمكن أن يعطي كرامة لمن يمثله، ففاقد الشيء لا يعطيه، وخاصة من تسفّلت أخلاقه ولم يُؤتمن على مجرد صوتٍ انتخابي.

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top