أعاد تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن (اعترافه بسيادة الاحتلال على الجولان)، الجدل حول الوضع القانوني لهذه المنطقة الاستراتيجية. لكن الحقائق القانونية والقرارات الدولية تؤكد بوضوح أن الجولان أرض سورية محتلة، وأن أي محاولة لضمّه أو فرض سيادة إسرائيلية عليه باطلة ولا يترتّب عليه أي أثر قانوني.

الاحتلال والضم

في حرب يونيو 1967 احتلت إسرائيل الجولان السوري.
في ديسمبر 1981 أقرّ (الكنيست) ما يسمى قانون الجولان الذي يفرض القوانين والإدارة الإسرائيلية على الجولان.
منذ ذلك التاريخ، واجه الاحتلال رفضاً دولياً واسعاً لأي تغيير في الوضع القانوني للجولان السوري…

التهجير ومعاناة السكان

لم يتوقف أثر الاحتلال عند السيطرة العسكرية، بل خلّف مأساة إنسانية مستمرة منذ عقود.
عند الاحتلال عام 1967، هجّرت إسرائيل نحو 140 ألف مواطن سوري من قراهم ومدنهم في الجولان.
هؤلاء وأبناؤهم وأحفادهم يشكّون اليوم ما يقارب مليون نازح موزعين في دمشق وريفها ودرعا والقنيطرة.
يعيش المهجّرون في حالة نزوح قسري لأكثر من نصف قرن، محرومين من العودة إلى أراضيهم وبيوتهم.
تطلعهم الدائم هو استعادة الجولان لسيادته السورية وعودتهم إلى ديارهم التي انتُزعوا منها بقوة الاحتلال.

موقف القانون الدولي

ميثاق الأمم المتحدة يرسّخ مبدأ عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة.
اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تنطبق على الجولان، بوصفه أرضاً محتلة، وتحمي سكانه من التهجير والإجراءات القسرية.
أي تشريع داخلي من جانب القوة المحتلة لا يغيّر الوضع القانوني الدولي…

قرارات مجلس الأمن

القرار 242 (1967)، يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967، ومن بينها الجولان.

القرار 338 (1973)، يطالب بتطبيق القرار 242 فوراً بعد حرب أكتوبر.

القرار 497 (1981)، صدر بالإجماع، وأكد أن قرار الإحتلال الإسرائيلي بفرض قوانينه على الجولان (باطل ولاغٍ وليس له أي أثر قانوني دولي)، وطالبه بإلغائه فوراً…

قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة

الجمعية العامة تصدر سنوياً قراراً بعنوان (الجولان السوري المحتل).
آخر قرار (A/RES/79/90) صدر في ديسمبر 2024، بأغلبية 150 دولة، وأكد: رفض الضم، حق السيادة السورية على الجولان، بطلان أي إجراءات تشريعية أو إدارية إسرائيلية، دعوة الدول الأعضاء لعدم الاعتراف بهذه الإجراءات.

موقف المجتمع الدولي

غالبية دول العالم، بما فيها الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، أعلنت مراراً أن الجولان أرض سورية محتلة، وأن أي تغيير في وضعه غير قانوني. الاعتراف الأميركي عام 2019 بضم الجولان بقي موقفاً معزولًا لم يغيّر الوضع القانوني الدولي، كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقريباً ترفض هذا الاعتراف، وتتمسك بقرارات الشرعية الدولية.

الجولان سوري أرضاً وشعباً وهويةً، والضم الإسرائيلي له مخالف للقانون الدولي ومرفوض في قرارات الأمم المتحدة. كما أن مأساة أكثر من مليون مهجَّر سوري من أبناء الجولان، الذين اقتلعوا من أرضهم عام 1967 وما زالوا يعيشون في الشتات داخل وطنهم، تبقى شاهداً حياً على بطلان الاحتلال وضرورة إنهائه.
إن استمرار الجمعية العامة ومجلس الأمن في إصدار قرارات تؤكد سورية الجولان، دليل على أن القانون الدولي لا يتبدّل بتصريحات أو اعترافات منفردة، بل يبقى ثابتاً حتى تعود الحقوق إلى أصحابها…

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top