سوريا تصدر النفط

تُقدّر احتياطيات سوريا المؤكدة من النفط بحوالي 2.5 مليار برميل، مما يجعلها تحتل المرتبة 31 عالمياً، بينما تبلغ احتياطياتها من الغاز الطبيعي حوالي 240 مليار متر مكعب قبل عام 2011. كانت الطاقة تمثّل جزءاً مهماً من اقتصاد سوريا، حيث كانت تشكّل 50٪ من صادرات سوريا. وكانت سوريا تصدّر 380 ألف برميل من النفط يوميا عام 2010، أي قبل عام من قيام الثورة ضد نظام بشار الأسد. تضرّر قطاع تصدير النفط لاحقاً بحكم العقوبات المفروضة والحرب التي استمرت قرابة 14 عاما، حرب دمرت اقتصاد البلاد والبنية الأساسية، بما في ذلك إنتاج النفط الخام ،فتراجع الإنتاج بشكل حاد ليصل في العام 2023 إلى 40 ألف برميل يوميا فقط.

وإبان فترة الثورة ، اعتادت سوريا تلقي أغلب النفط المخصص لتوليد الكهرباء من إيران، لكن الإمدادات انقطعت منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. قال مسؤول سوري في قطاع الطاقة لـ”رويترز”: “إن سوريا صدّرت 600 ألف برميل من النفط الخام الثقيل من ميناء طرطوس، الإثنين، وهي أول عمليات التصدير الرسمية المعروفة للنفط السوري منذ 14 عاما”. وقال معاون مدير الإدارة العامة للنفط والغاز بوزارة الطاقة السورية “رياض جوباسي” لـ”رويترز”، إن شركة “بي سيرف إنرجي” هي التي اشترت النفط الخام الثقيل.

وترتبط الشركة بصلات مع “بي بي إنرجي”، وهي شركة عالمية لتجارة النفط، إلّا أنها لم ترد حتّى الآن على طلب للتعليق. وقالت وزارة الطاقة السورية في بيان مكتوب إن النفط جرى تصديره على متن الناقلة “نيسوس كريستيانا”. وذكر جوباسي أنه جرى استخراج النفط من عدة حقول سورية لكنه لم يحددها.

وتقع معظم حقول النفط السورية شمال شرقي البلاد، داخل مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، التي بدأت تزويد الحكومة المركزية في دمشق بالنفط في فبراير الماضي، لكن العلاقات تدهورت منذ ذلك الحين بسبب تعثر المفاوضات بين الحكومة السورية بدمشق والإدارة الذاتيه لقوات سوريا الديمقراطية (قسد).

وانتقلت السيطرة على حقول النفط عدة مرات خلال الحرب السورية، وزادت العقوبات الأميركية والأوروبية من صعوبة عمليات التصدير والاستيراد المشروعة. وظلت العقوبات سارية لعدة أشهر بعد سقوط الأسد مما جعل من استيراد الإدارة السورية الجديدة للطاقة أمراً صعباً. لكن بعد أن أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا في يونيو الماضي يقضي برفع عقوبات واشنطن المفروضة على دمشق، بدأت شركات تتخذ من الولايات المتحدة مقرا وضع خطة رئيسية للمساعدة في استكشاف واستخراج النفط والغاز في سوريا.

ووقعت سوريا أيضا مذكرة تفاهم بقيمة 800 مليون دولار مع شركة “دي بي ورلد” لتطوير وإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض في طرطوس، بعد أن ألغت سوريا عقدا مع شركة روسية كانت تدير الميناء في عهد الأسد. وبينت وزارة الطاقة السورية أن ذلك جاء “في إطار التوجيهات الحكومية وخطط الإدارة العامة للنفط في وزارة الطاقة لتعزيز حضور سوريا في الأسواق النفطية الخارجية، ويعد “هذا الإنجاز خطوة مهمة في إعادة تنشيط قطاع النفط وتوسيع آفاق التعاون مع الشركات العالمية على أن تتبعها عمليات تصدير لاحقة خلال الفترة القادمة”. وفي يونيو/ حزيران الماضي أعادت سوريا تصدير منتجات نفطية غير خام من مصفاة بانياس (تتبع لمحافظة طرطوس)، حيث أُرسل شحن أولي بحجم 30 ألف طن متري إلى الأسواق الدولية.

استئناف عملية تصدير النفط السوري يأتي كأحد أهم ثمار رفع العقوبات الأمريكية والأوربية عن سوريا ،ويشكل إنجازاً للحكومة السورية وإدراة الرئيس أحمد الشرع التي تعهدت بإحياء الاقتصاد السوري من جديد. عودة حقول النفط والتصدير هل تحدد مستقبل سوريا؟

لا شك أن عودة تصدير النفط هي مورد اقتصادي هام من موارد الدخل سينعش الخزينة العامة للدولة السورية. ويحقق الأمل في نجاح خطط التنمية وإعادة الإعمار وفتح باب استثمار كبير في مشاريع خطوط الطاقة وتصدير النفط والغاز. كل هذا سينعكس حتما على عجلة الاقتصاد والصناعة والزراعة في سوريا وسيؤدي إلى تحسن ملحوظ في قيمه الليرة السورية مما يعني تحسن القدرة الشرائية للمواطن.

الاقتصاد السوري يُبنى من جديد بصورة جديدة مختلفة تماما عن اقتصاد السنوات السابقة في عهد النظام البائد الذي كان يقوم على جمع الضرائب والاتاوات وتهريب المخدرات. في سوريا توجد ثروات معدنية أخرى ، مثل الفوسفات والسيلكون النقي والمعادن الثمينة والملح والرخام، لكن المعلومات عن احتياطياتها ليست بنفس وضوح معلومات النفط والغاز والأمل كبير باستغلالها بشكل مثمر، وأن تدخل مواردها الخزينة العامة للدولة الجديدة. الدولة التي من أهم واجباتها ضمان التوزيع العادل للثروات وتحقيق التنمية.

  • د. عبد الباسط أبو نبوت

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top