في شوارع محافظة القنيطرة، لم تعد الدراجة النارية مجرد وسيلة نقل. لا، أبداً. لقد تحوّلت إلى نجم أفلام الأكشن، يطير على دولاب واحد، يوزّع الأدرينالين على المارة، ويخلّف وراءه حوادث أشبه بمشاهد حرب مصغّرة.
والمضحك المبكي أن بطل هذه العروض المجانية ليس دائماً شاباً مراهقاً ضاق صدره بالفراغ… بل أحياناً هو عنصر “أمن عام”، يفترض أنه حارس القانون، فإذا به يتقمص دور “فان ديزل” في شارع صغير بجانب مدرسة!
النتيجة؟ سيارات مقلوبة، أطفال يركضون مذعورين، مواطنون ينظرون بدهشة: هل نحن في القنيطرة أم في مهرجان “الستانت شو” العالمي؟
السلطات ترفع شعارها المعتاد: “سنقوم بالمعالجة”. لكن المعالجة هنا تشبه أن تضع شاشاً على جرح غائر. فالدراجة التي تشبّح على دولاب واحد سرعان ما تعود لتقفز على الأرصفة، وكأنها تسخر من كل قرار رسمي.
في الكوميديا السوداء هذه، يتبادل الجميع الأدوار:
الشاب المتهور يعتقد أنه “بطل الحارة”، وعنصر الأمن المتمرّس يثبت أن القانون مجرد وسيلة ترفيه إضافية، أما المواطن البسيط فيعيش لعبة “الروليت الروسية” كلما خرج ليشتري خبزاً: هل تمر دراجة نارية بجانبه على سرعة ١٢٠ كم/س أم ينجو اليوم؟
المشهد يبدو كأنه إعلان عن فيلم بعنوان: “القنيطرة.. مدينة بلا فرامل”، بطولة الدراجات النارية، وإخراج الفوضى العامة، برعاية صمت الدولة.
الخلاصة: الحوادث في الشوارع ليست قضاءً وقدراً فقط، بل نتيجة تشبيح بعجلتين، وعدم وجود ردود أفعال حكومية تعالج الظاهرة، وتقطع دابرها، وتُحاسب مرتكبيها.
وبنظرة سريعة على الإحصاءات:
في تصريح خاص لمؤسسة “جولان”، قال الطبيب محمد المصري رئيس الأطباء المقيمين في مستشفى “الجولان”:
“راجع خلال شهر حزيران (86) مريضًا بعد تعرضهم لحوادث سير، خضع (29) منهم لعمليات جراحة عظمية، فيما عانى الباقون من رضوض متعددة متفاوتة الشدة”.
وأوضح المصري: “خلال شهر تموز راجع المستشفى (74) مريضًا إثر حوادث سير، خضع (31) منهم لعمليات جراحة عظمية، بينما تراوحت إصابات الآخرين بين رضوض متفاوتة”.
- مهدي القعيد