طريق دمشق السويداء

تسعى الولايات المتحدة، عبر تحرّكاتٍ دبلوماسية، إلى إعادة فتح الطريق الاستراتيجي بين دمشق ومحافظة السويداء جنوبي البلاد، غير أنّ تعقيداتٍ محليّة لا تزال تعيق هذه المساعي، وكشف «تلفزيون سوريا»، عبر مصادره اليوم الأربعاء، أنّ الوسيط الأميركي أكّد أنّ قياداتٍ في السويداء تعمل على عرقلة الجهود الرامية إلى إعادة فتح طريق دمشق–السويداء.

وأضاف التلفزيون أنّ الوسيط الأميركي يواجه صعوباتٍ في التعامل مع قيادات السويداء أثناء المفاوضات نتيجة رفضها التعاون، مشيراً إلى أنّه يحمل هذه القيادات مسؤولية استمرار إغلاق الطريق.

وتشير المعلومات إلى أنّ الحكومة السورية استكملت تحضيرات فنية وأمنية لاستئناف الحركة على الطريق، إلا أنّ المواقف المتباينة محلياً حالت دون التوصّل إلى تفاهمٍ نهائي، ويأتي ذلك بالتوازي مع دعواتٍ سياسية داخل السويداء، بينها ما أعلنه حكمت الهجري يوم الاثنين 25 آب، من مناشدةٍ للدول دعمَ الطائفة في مسعى إعلان إقليمٍ منفصل، مع توجيه الشكر للولايات المتحدة وإسرائيل على ما اعتبره دعماً للطائفة.

وعلى المستوى الميداني أعلنت فصائلٌ محليّة السبت 23 آب، اندماجها ضمن تشكيلٍ عسكري جديد باسم الحرس الوطني تحت مظلة الرئاسة الروحية للطائفة، عقب اجتماعٍ في دارة الرئاسة الروحية ببلدة قنوات، وتضمّ تركيبةُ التشكيل الجديد ضباطاً سابقين خدموا في جيش الأسد وتلاحق بعضَهم اتهاماتٌ بارتكاب انتهاكاتٍ خلال الخدمة، إضافةً إلى مجموعاتٍ متهمةٍ بالتورّط في تجارة المخدرات وأفرادٍ مطلوبين للقضاء، كما يبرز المجلس العسكري، الذي أعلن نيته الاندماج، المرتبطُ بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وله صلاتٌ مع جهاتٍ خارجية (إسرائيل)، ويبرز كذلك حزب اللواء وقائده مالك أبو الخير، الذي ينادي جهراً بالانفصال والحكم الذاتي، ويُروّج لـ«أرض باشان» الممتدة من السويداء عبر درعا والقنيطرة والجولان.

ويتداخل ملفّ السويداء مع «قسد» سياسياً وإعلامياً خلال الأسابيع الأخيرة، إذ شهد مؤتمرٌ عقدته «قسد» في الحسكة يوم 8 آب مشاركةً افتراضيةً للهجري إلى جانب شخصياتٍ دينيةٍ أخرى، الأمر الذي أثار انتقاداتٍ لـ«قسد» بوصفه محاولةً لتوسيع نفوذها خارج مناطق سيطرتها، وتشير تغطياتٌ محليّة إلى قنواتِ تواصلٍ بين «المجلس العسكري في السويداء» و«قسد»، في وقتٍ تؤكّد فيه الأخيرة، في بياناتها العلنية دعوتَها إلى الحوار ووقف الهجمات.

وبرزت خلال تموز مطالباتٌ بفتح ممرّاتٍ إنسانية نحو مناطق سيطرة «قسد» والحدود الأردنية لتأمين الحركة والإمداد، بالتزامن مع طرحٍ أثار جدلاً من جانب مسؤولين إسرائيليين بشأن إنشاء «ممرّ إنساني» بين إسرائيل والسويداء، وهو ما نادى به أيضاً موفق طريف الرئيس الروحي للدروز في الجولان وفلسطين، وتختلف المواقف داخل المحافظة حيال هذه الطروحات بين مؤيّدٍ لها حيث خرجت مظاهراتٌ في المحافظة تُنادي بالاستقلال ورفعت أعلامَ الكيان الإسرائيلي وآخرين يرونها بوابةً لتعقيداتٍ أمنيةٍ وسياسيةٍ أوسع.

وفي سياقٍ مرتبط يوجّه منتقدون لـ«قسد» اتهاماتٍ بتغذية الاستقطاب حول السويداء عبر منصّاتٍ إعلاميةٍ محسوبةٍ عليها وخطابٍ تصعيديّ يركّز على تحميل أطرافٍ بعينها مسؤوليةَ التوتّر، ما يعتبرونه مساهمةً في تأجيج السجال.

وفي الختام وبينما تراهن دمشق على فتح الطريق من الداخل بعد اكتمال الجاهزية الميدانية، تسعى واشنطن إلى تيسير تفاهماتٍ عبر وساطةٍ دبلوماسية، غير أنّ المواقفَ المحليةَ المتباينة والجدلَ المتصاعد حول الارتباطات والتحالفات يُبقيان استئناف الحركة على هذا الشريان رهينَ ترتيباتٍ أمنيةٍ وسياسيةٍ لم تتبلور بعد، وفي حال تحقيق اختراق يُرجَّح أن يبدأ بفتحٍ جزئيٍّ تجريبيٍّ لمقاطع محدّدة مع نقاط تفتيشٍ وضمانات عبور، فيما يعني تعثّرُ التفاهم استمرارَ الاعتماد على طرقٍ فرعيةٍ بكُلفٍ إنسانيةٍ واقتصاديةٍ أعلى.

  • محمد قنو

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top