وفد اعلامي عربي يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة دمشق

التقى الرئيس السوري أحمد الشرع وفداً عربياً يضمّ مديري مؤسسات إعلامية ورؤساء تحرير ووزراء إعلام سابقين، وأعلن عن بحثٍ متقدّم لاتفاقٍ أمنيّ محتمل بين دمشق وتل أبيب يستند إلى خطّ فصل القوّات لعام 1974، مؤكداً: «لن أتردّد في اتخاذ أي اتفاق أو قرار يخدم مصلحة سوريا والمنطقة».

تركيبة الوفد

ضمّ الوفد من الأردن: سميح المعايطة والدكتور مهند المبيضين (وزيرا الإعلام الأسبقان)، ومن الدول العربية: غسان شربل (رئيس تحرير الشرق الأوسط)، إبراهيم حميدي (رئيس تحرير المجلة)، سامي عبداللطيف النصف (وزير الإعلام الكويتي السابق)، ومن العراق الدكتور إحسان الشمري (رئيس مركز التفكير السياسي )، نديم قطيش (المدير العام لقناة سكاي نيوز عربية)، إضافةً إلى الإعلاميين بيار غانم وعالية منصور من لبنان.

وحدة السلاح تحت سلطة الدولة

شدّد الشرع على وحدة سوريا وحصر السلاح بيد الدولة، رافضاً أي مساراتٍ نحو الانفصال أو المحاصصة، لافتاً إلى أن التفاهم مع القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي يمثّل أساساً يمكن البناء عليه، ويحظى بدعم داخلي وخارجي.

سوريا ولبنان… صفحةٌ جديدة

قال الشرع إن الاستثمار في الاستقطاب المذهبي والسياسي في لبنان كان خطأً كبيراً بحقّ البلدين ولا ينبغي أن يتكرّر، مؤكداً أنه تجاوز الجراح التي تسبّب بها «حزب الله» لسوريا ولم يختر خيار القتال بعد تحرير دمشق، وأضاف: «هناك من يصوّرنا كإرهابيين وتهديدٍ وجودي، وهناك من يريد الاستقواء بسوريا الجديدة لتصفية حسابات، ونحن لا هذا ولا ذاك»، ودعا إلى علاقة دولة بدولة تقوم على المعالجات الاقتصادية والاستقرار والمصلحة المشتركة، معتبراً أن سوريا كما أراها اليوم فرصة كبيرة للبنان، وعلى اللبنانيين أن يستفيدوا من نهضتها.

تصريح منقول عبر وزير الإعلام الأردني الأسبق… ودلالاته

نقل وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة عن الرئيس السوري أحمد الشرع قوله: «لستُ امتداداً لا للإخوان المسلمين ولا للتنظيمات الجهادية»،

ومن هنا يعكس هذا الاقتباس محاولة واضحة لتموضعٍ سياسيّ مستقلّ عن ثنائيّة «الإسلام السياسي/الجهادي» التي صاغت جزءاً من سرديات الصراع خلال العقد الماضي، عملياً يسعى الخطاب إلى:

نزع الالتباس الهويّاتي عن سوريا الجديدة وقطع الطريق على محاولات تصنيفها ضمن استقطابات أيديولوجية حادّة.

توسيع قاعدة الشركاء المحتملين عربياً ودولياً عبر خطاب براغماتي يركّز على المصالح والأمن والاقتصاد بدل الولاءات الأيديولوجية.

تسهيل أي مسارات تفاوضية لاحقة (داخلية/إقليمية) بصفته خطاباً غير محسوب على محور عقائدي، ما يمنح هامش مناورة أوسع في ملفات حساسة.

اقتصادٌ وتكاملٌ إقليمي

أكّد الشرع أهمية التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة، موضحاً أن التصوّر المطروح يرتكز على تسهيل حركة التجارة البرية عبر المعابر النظامية وتعزيز سلاسل الإمداد، مع تعاون أوسع في البنية التحتية واللوجستيات من طرق وموانئ، ويشمل الطرح تشجيع استثمارات القطاع الخاص ضمن أطر منخفضة المخاطر، إلى جانب مواءمة الإجراءات والمعايير الجمركية والفنية للحد من الاحتكاكات التنظيمية، مع تنسيقٍ قطاعي في مجالات الأمن الغذائي والطاقة والخدمات، ويقدَّم هذا المسار بصورة تدريجية وبراغماتية تراكم إجراءات بناء الثقة بعيداً عن التزاماتٍ سياسية مسبقة.

تقاطعات مع تحرّكات الخارجية السورية والحراك الدولي

تشي تصريحات الشرع ومساراتها الأمنية–الاقتصادية بأن بوصلة دمشق تميل إلى هندسة تهدئةٍ مستدامة تقوم على ضبط الملفات الأمنية وفتح نوافذ اقتصادية مُدارة، ويتقاطع ذلك مع جهود وزارة الخارجية السورية في توسيع هوامش الانفتاح العربي والغربي وطرق أبواب مبادراتٍ تخدم التيسير الإنساني وتنشيط التجارة المشروعة وإعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية، بالتوازي مع الحراك الدولي الرامي إلى تخفيف التوتّرات وحصر تداعياتها.
في هذا السياق، يبدو أن التموضع الخطابي غير المؤدلج يمنح دمشق قابليةً أعلى للتفاعل مع قنوات الوساطة ومسارات بناء الثقة، سواء في ملفّ الأمن على خطوط التماس أو في التعاون الاقتصادي المرحلي، وإذا ما اقترن ذلك بخطوات تنفيذية قابلة للقياس، فقد يفتح الباب أمام مقارباتٍ تدريجية تُراكم مكاسب صغيرة لكنها ثابتة، مع الحفاظ على معادلة وحدة الدولة والسلاح تحت سلطتها، وهي النقطة التي بنى عليها الشرع كامل خطابه في هذا اللقاء.

  • محمد قنو

شارك المنشور

مقالات ذات صلة

Scroll to Top