في الوقت الذي تُبذل فيه جهود حكومية لتحسين الواقع الخدمي في العديد من المناطق السورية، ما تزال بعض المناطق، مثل مدينة “سبينة” الواقعة جنوب العاصمة دمشق، تعاني من أوضاع خدمية صعبة، وتهميش في الاستجابة لمطالب سكانها، رغم مبادرات مدنية متكررة.
تواصلت “مؤسسة جولان” مع الناشط المدني “وليد الطحان” من مدينة سبينة، للوقوف على طبيعة التحديات الخدمية في المدينة، فكانت الصورة أكثر تعقيداً مما تبدو على السطح.
واقع إداري معقد… وخدمات متدهورة
تواجه ” سبينة” حالة فريدة من نوعها، حيث تنقسم المدينة إدارياً وخدمياً بين محافظتي القنيطرة وريف دمشق، ما يزيد من تعقيد التعامل مع شؤونها الخدمية، وفق ما أفاد به “الطحان” لـ”مؤسسة جولان”.
وبحسب المصدر، فإن هذا الانقسام ينعكس بشكل مباشر على أداء المؤسسات الخدمية، ويُضعف القدرة على التخطيط والاستجابة الموحدة لاحتياجات السكان، لا سيما في ظل ضعف التنسيق بين الجهتين الإداريتين.
النفايات تملأ الحدائق ومعدات النظافة غائبة
وصف السيد “وليد الطحان” الذي تحدّثنا إليه أوضاع المدينة بأنها “غاية في الصعوبة”، مشيراً إلى أن القسم التابع لمحافظة ريف دمشق يشهد تدهوراً حاداً في البنية الخدمية، حيث تحوّلت إحدى الحدائق العامة إلى مكب للنفايات بسبب غياب حاويات القمامة، ونقص الآليات والمعدات المخصصة للنظافة.
أما القسم التابع لمحافظة القنيطرة، فالوضع فيه لا يختلف كثيراً، إذ تعاني المنطقة من نقص في عدد الحاويات، وعدم توفر الصيانة الدورية لها، بتكلفة تُقدّر بنحو 8 ملايين ليرة سورية، وهو مبلغ غير متوفر في ظل الميزانيات المحدودة للوحدات المحلية.
محاولات خجولة من البلديات
وفي ظل هذا التردي، تبذل البلديات محاولات خجولة لتخفيف الأعباء، حيث تعمل بعض الوحدات الإدارية على جمع القمامة من الشوارع مرة أو مرتين أسبوعياً ضمن الإمكانيات المحدودة المتاحة.
ورغم هذه الجهود، أشار عدد من المعنيين إلى وجود تحديات إضافية ناجمة عن عدم التزام بعض الأهالي بالتعليمات الموجهة لهم، وعلى رأسها عدم رمي النفايات عشوائياً خارج الحاويات أو في الحدائق، ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة ويقلّل من فعالية الحلول المؤقتة التي تُطرح.
مبادرات شعبية تصطدم بواقع منهك
ورغم محاولات الأهالي والفعاليات المدنية سد هذا الفراغ الخدمي، من خلال حملات تنظيف تطوعية، إلا أن هذه الجهود تصطدم بغياب الدعم اللوجستي، وانعدام البنية التحتية اللازمة، ما يجعلها محدودة الأثر، وغير قادرة على معالجة الواقع القائم.
تضع هذه الصورة المعقدة أهالي “سبينة” في مواجهة مستمرة مع تدهور الخدمات، وسط غياب الحلول الجذرية وقلّة التنسيق بين الجهتين المشرفتين على المدينة. ويبقى السؤال مطروحاً: إلى متى يستمر هذا الإهمال الإداري، ومن يتحمّل مسؤولية استجابة حقيقية لحاجات السكان؟
- عمر الحسن