حين نتحدث عن الأساطير، لا بد أن نذكر اسماً يصدح في ذاكرة الجنوب المقاوم: علاء رفيع، أبو حمزة، ولد عام 1982، في قرية الرفيد، ريف القنيطرة الجنوبي، وكان من أوائل من حملوا راية الحرية في الجنوب السوري، وأسسوا نواة الجيش السوري الحر هناك. لم يكن مجرد مقاتل، بل كان رمزاً للموقف والمبدأ، وصوتاً للكرامة في زمن القهر.
في عام 2011، اعتقلته قوات النظام، وكان هدفهم انتزاع الاعترافات منه بالقوة. وبحسب مقربون ممن اعتقل معه في فرع المخابرات الجوية بدرعا، قال: “كانوا يعذبونه يومياً حتى الموت، لكنهم لم ينجحوا في انتزاع كلمة واحدة منه.” وبعد عشرة أيام، أطلق سراح سجين معه، حاملاً رسالة من أبي حمزة أوصاه بتسليمها للشباب، قال فيها:
“لم أعترف بشيء… ابحثوا لي عن طريق للخروج.”وفوراً، أوصلت الرسالة إلى شقيقه في جامع الرفيد عقب صلاة الجمعة في ذات اليوم، ومن هناك بدأت محاولات تحريره.
وعاد… وعادت البطولة
عاد أبو حمزة إلى ساحة الثورة، لا إلى مقرات القيادة ولا غرف العمليات، بل إلى خطوط المواجهة الأمامية. كان دائماً في طليعة المقاتلين، يقتحم المواقع بمفرده، يستطلع، يفتح الاشتباك، ثم يلتحق به رفاقه. لم يكن يعرف الخوف، وكان اسمه يرعب عناصر النظام في درعا والقنيطرة، حتى رصدت المكافآت من أجل رأسه، لكن دون جدوى.
المعركة الأخيرة… تل بزاق
في الخامس والعشرين من كانون الأول عام 2014، انطلقت معركة السيطرة على تل بزاق، وكانت الأرض هناك معقدة، والتقدم صعباً. حينها، وقف أبو حمزة أمام المقاتلين وقال:”من يبايعني على الموت؟”لم يكن برفقته سوى مقاتلين اثنين، وكان الهدف الوصول إلى أسفل التل لفتح الطريق أمام الهجوم. لكن بينهما وبين الهدف 400 متر من الأرض المكشوفة، من يقطعها كان عرضة للموت في أية لحظة، تقدم أبو حمزة دون تردد، كعادته، وانهمر عليه الرصاص من كل صوب. أصيب أولاً في كتفه، ثم في بطنه، لكنه واصل الزحف حتى وصل إلى أسفل التل… وهناك ارتقى شهيداً، كما وعد، دون أن يتراجع أو يلتفت إلى الخلف.
حتى بعد استشهاده… زرع فيهم الرعب
لم يصدق النظام ما جرى، واعتبروا استشهاده “نصراً كبيراً”. مثلوا بجثمانه، وجابوا به شوارع مدينة البعث فوق سياراتهم، وكأنهم يعلنون للعالم: “قتلنا الرعب الذي كان يطاردنا.”لكن الحقيقة أنهم خافوه حياً، وارتعبوا منه شهيداً.
خاتمة قائد
لم يكن علاء رفيع مجرد مقاتل، بل كان يحمل مشروعاً لوحدة فصائل الجنوب، وكان يحلم برؤية الجميع تحت قيادة موحدة. استشهد وهو يحقق هذا الحلم، وبقي اسمه محفوراً في قلوب كل من عرفه، أو سمع عنه، رحم الله أبا حمزة، أسطورة الجنوب، الذي اختار طريق المجد، فصار رمزاً لا يُنسى في سفر الثورة.
- محمد ضاهر